غدًا نبدأ فترة الحجر. 15 يومًا للإطلاق. الموعد قريب جدًا، ونأمل ألّا يكون تأجيل مرّة أخرى. نحن نعلم أنّ تاريخ 3 نيسان قد لا يكون الموعد النهائي، وأنّه قد تكون للإطلاق عدّة "نوافذ إطلاق" إضافيّة. من ناحية اخرى، في تاريخ 15 نيسان من المفترض أن يتمّ إطلاق أربعة روّاد فضاء من وكالة ناسا، لذلك من المنطقي أن يتمّ إطلاقنا في موعده المرتقَب. على أيّ حال - التدريبات جارية على قدم وساق، والتشوّق واللهفة في أوجهما.
كما تحدّث في مقابلتي التلفزيونيّة (قناة 12، يجئال موسكو، 18.3.22)، في كلّ مرّة أرتدي فيها بدلة رائد الفضاء وأجلس على مقعد رقم 1 في مركبة دراغون، أتخيّل غحساسي وأنا أجلس في مقدّمة صاروخ فالكون الضخم الذي سيحملنا بعد نحو أسبوعين إلى ما وراء خطّ كارمان1 إلى الفضاء. سنكون مربوطين ومستعدّين للإطلاق قبل ساعتين من العدّ التنازلي، ومن ثمّ سيعلو صوت لا يوصف، ضجيج يهزّ "أساسات العتب"، وستعمل قوّة G (قوّة التسارع) هائلة على أجسامنا بتسارُع ضخم إلى أن نبلغ سرعة 28 ألف كم/س. ومن ثمّ، وفي لحظة واحدة - تعمّ السكينة. ويصبح بإمكاننا فكّ أنفسنا من المقاعد والنظر عبر نوافذ دراغون المتطوّر... أنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر. تحقيق حلم الطفولة.
عندما ننطلق في طريقنا إلى محطّة الفضاء، سيعود صاروخ فالكون إلى الهبوط بدقّة متناهية. اخذونا إلى حظيرة الصواريخ الهائلة التي تعمل فيها طواقم سبيس X على ترميم الصواريخ بعد عودتها. الصاروخ، بنظري، هو وسيلة طيران متطوّرة جدًا. أنبوب يبلغ طوله 70 مترًا، يُدفَع بقوّة تسعة محرّكات ضخمة، قوّة كلّ واحد منها تعادل قوّة ستّ طائرات F16 بكامل قوّتها.
نقضي فترة الحجر بدون أفراد طاقمنا الاحتياطي. يوجد لطاقمنا 3 أفراد احتياط، اجتازوا معنا كلّ التدريبات والإرشادات والامتحانات الصعبة، وسيكونون على أتمّ استعداد في حال لم يتمكّن أحدنا من المشاركة في هذا الحدث الضخم لأيّ سبب كان.
إحدى أفراد الطاقم، والتي تغطّي MLA، هي رائدة الفضاء الكبيرة والمتمرّسة جدًا بيغي ويتسون، والتي قضت في الفضاء أكثر من 665 يومًا بالمجمل، 10 مهام تحليق خارج المحطّة، والتي تقدَّر بـ 60 ساعة، ومرّتين ترأست فيهما قيادة محطّة الفضاء، وإدارة مكتب رائد الفضاء في وكالة ناسا.
والثاني، الذي يغطّي لاري، هو جون شوفنر - سائق سيّارات سباق، طيّار وهاوي إكستريم.
والثالثة، والتي تغطّيني، هي ابنتي، د. شير ستيبه، طبيبة أطفال في مستشفى شيبا، وأم لثلاثة من أحفادي الأعزّاء. وأشعر بفخر كبير كونها اجتازت كلّ امتحانات التصنيف المطلوبة، التدريبات المرهِقة وطبعًا - المواد التعليميّة التي لا تنتهي. اللقب الذي أطلقته شير على التدريبات هو "مدرسة الأبطال" - نتعلّم الطيران، الخروج إلى الفضاء، البقاء...
لا شكّ أنّ وجودها إلى جانبي في هذه المسيرة الطويلة والمليئة بالتحدّيات، تعزّز تجربة الاستعداد للإطلاق. وصلت شير إلى البرنامج بمنتهى الفضول والاهتمام، وباتت تدرك الآن أنّه لو سنحت لها الفرصة، ستطير هي أيضًا. "هل بدأتِ بتوفير المال؟" سألها يجئال موسكو، فأجابت: "بدأت أحلم". وما الحلم سوى الخطوة والحاسمة في طريق مسيرة تحقيقه؟
مع خالص الشوق والأمل،
فائق تقديري، إيتان
[1] خطّ كارمان، Kármán line - بحسب التعريف الرسمي الذي يقرّه الاتّحاد الدولي للملاحة الجويّة، يعرّف الحدود بين الكرة الأرضيّة والفضاء الخارجي على ارتفاع 100 كيلومتر فقط من فوق سطح البحر.
Comments