طفل وخذروف - في كلّ مرّة يرميه، يسقط دائمًا في مركز العالم بالضبط.
أوكتافيو باث
من يوم إلى آخر، مع تقدم التدريبات، وكلما اعتدنا أكثر على الحياة تحت تأثير انعدام الجاذبيّة، وأثناء تجهيز مركبة دراغون التي ستحملنا - يصبح الإطلاق ملموسًا أكثر. وحقًا، من المتوقّع أن نصل إلى الفضاء في غضون أقلّ من ثلاثة أشهر. كل التفاصيل تجتمع معًا، وفي أجواء الحانوكا السائدة هنا، سأدوّر الخذروف الذي اخترت ان احمله معي إلى العالم الآخر، والذي يعتبَر من أصغر الأغراض التي يُسمح لنا باصطحابها معنا.[1]
الخذروف هو عمل فنّي مذهل. بالنسبة لي شخصيًا، سيذكّرني خلال مكوث في الفضاء بألّا أسرع إلى أيّ مكان، وأن أعيش اللحظة. أن أكون مثل الطفل المبهور باللعبة، وهذا ما نكاد ننساه، نحن الكبار. ماتي كاسبي كتب عن ذلك تحديدًا:
الخذروف يرقص، طيلة اليوم / غير منشغل ولا يسرع لأيّ مكان /
على الأرض، على المقعد، على كفّ اليد / لا يفكّر بشيء، ولا يهمّه شيء.
الخذروف الذي سأحمله معي إلى الفضاء، سيحتفل بالتقاليد اليهوديّة: بغضّ النظر عن أنّه ليس "العقل اليهودي" الذي اخترعه، في عهد أنطيوخوس، كان بإمكان الخذروف إنقاذ الحياة. تروي الأسطورة أنّ الأطفال اليهود الذين تعلّموا التوراة برغم الحظر، اعتادوا على اللعب بالخذروف ليضلّلوا الجنود اليونانيين الذين حاولوا الإمساك بهم وهم يتعلّمون وعقابهم عذى ذلك.
الخذروف الذي سأحمله معي إلى مهمّة "ركيع"، سيرمز إلى الأعجوبة التكنولوجيّة في إرسال الإنسان إلى خارج الغلاف الجوّي. سيمكّنني من توضيح كيفيّة تدويره في الفضاء دون توقّف بسبب تأثير الجاذبيّة الصغرى، تمامًا كالكرة الأرضيّة التي تدور حول محورها دون توقّف. أنتظر بفارغ الصبر لتوضيح الدوران غير المنقطع، ومشاركة زملائي في المهمّة بمتعة هذه اللعبة الطفوليّة العبقريّة.
اختتمنا الأسبوع الـ 11 لتدريباتنا، (والذي كان شيّقًا بحدّ ذاته، لكن سأحكي عن ذلك في بوست آخر))، بإضاءة شموع احتفاليّة لدى القنصل الإسرائيلي في هيوستن، السيّدة ليفيا لينك-رفيف مع العائلة والأصدقاء من الجالية اليهوديّة. ضيف الشرف، السيّد سيلفستر تورنر، رئيس مدينة الفضاء هيوستن، والذي أضاء شمعة الحانوكا الرابعة، هنّأني وكلّ الضيوف على المهمّة.
تقديرًا وشكرًا على استقبالنا الحميم في هيوستن "مدينة الفضاء"، أهديته - خذروفًا!
مع فائق تقديري، إيتان
[1] مهمّة "ركيع"، والتي تقودها في إسرائيل جمعيّة صندوق رامون ووكالة الفضاء الإسرائيليّة في وزارة الابتكار، العلوم والتكنولوجيا، تهدف إلى إثارة إلهام الشبيبة الصغار، وإلى تعزيز وتوسيع صناعة الفضاء الإسرائيليّة، والكشف عن الفنون الإسرائيليّة المبتكرة التي ستتمحور حول رحلة الإنسان إلى الفضاء الخارجي. خلال المهمّة، سيقدّم إيتان فعاليّات تربويّة لطلاب إسرائيل باللغة العبريّة، مباشرةً من محطّة الفضاء. في إطار المهمّة، كما في كلّ مهام الفضاء، سيكون بإمكان ستيبه أن يأخذ معه حقيبة صغيرة فقط، وفيها عدد بسيط من الأغراض الشخصيّة. من بين هذه الأغراض اختار أن يأخذ معه خذروفًا، والذي سيجسّد الصلة بين التقليد اليهوديّة القديمة وبين الابتكار الذي يكمن في مهمّة "ركيع".
Comments